..

اما بعد




أما بعد..!
 هابي فلانتين!؟
 ومالنا وما لفلانتين حتى نجعل قلبينا شمعتين له تشتعلان كل رابع عشر من فبراير؟
 لنقل هابي عنترة, هابي قيس, هابي جميل, فيكون الاحتفال بالحب بأسماء هؤلاء اقرب إلى الحقيقة من أي شخص آخر.
 ومالنا والاحتفال في نفس اليوم الذي يحتفل فيه كل البشر بالحب‚ وكأن حبنا قد خُلق عند كل البشر أو كأننا لا نرى من قلبَيْ بعضنا إلا ما نراه من قلب أي شخص غيرنا ؟
 ومالنا نبجل يوما بجله غيرنا وهو لا يفرق بين الحب والجنس, فيتخذ من ذاك اليوم يوما للمتعة, إذا ظمأ شرب خمرا وإذا جاع أكل نهدا, فلا تكون هديته لحبيبته غير لباس داخلي مثير للمجون‚ ولا تكون هديتها لحبيبها غير "ويسكي" مثير للجنون‚ وكأن بصيرته لا تبصر غير نهديها قلبا‚ وكان أذنيها لا تستحلي سماع سحر المشاعر إلا وقد اغتسلت بماء الخمر!
 جميل أن يتساءل احدنا قائلا: "أليس حكيما أن تحتفل الإنسانية بالحب في يوم واحد‚ وتلبس له اللون الواحد‚ بغضّ النظر عما إذا كان هناك وضعاء لا يفهمون قدره؟ هناك أمهات لا يستحقن أن يكن أمهات وهناك أبناء لا يفهمون قدر أمهاتهم ومع ذلك نحتفل بعيد الأم, ونحتفل بعيد الاستقلال وهناك بين ظهرانينا خونة لا يهمهم من الوطن غير منفعتهم وإلا فالخراب له"
 وجميل أن أجيب هذا المتسائل قائلا: " أليس قبيحا أن يصوم العبد شمسا ويزني قمرا؟ أليس جنونا أن يبني قصرا ويسكن قفرا؟ أليس حمقا أن تدعي الإنسانية إنها تعرف الحب في الرابع عشر ثم نجدها في دناءة إسرائيل تغتصب فلسطينا وفي حمق أمريكا يقنبل عراقا وفي خيال مبارك يعذب شعبا وفي جمهور الجزائر يخاصم مصرا وكأن الإنسانية فعلا تحتفل بعيد الفلانتين فنُلبس الكرة الأرضية اللون الأحمر دما
 أليس ظلما أن يزور الابن والديه اللذين رماهما في دور العجزة يهديهما باقة زهر ويقول لهما:
 " I love U "
 ثم يسرع الخطا إلى منزله ليهدي زوجته حمالات صدر حمراء ويقول لها:
 " I like U "
 ثم يتسلل في غفلة منها إلى عشيقته فيقضي معها ليلة حمراء في منزل يطل على البحر الأحمر بعد أن يهديها سيارة حمراء ويقول لها:
" I fuck U "
 وكل غايته أن يحقق أمنية مَن أخترع هذا 'الهابي فلانتين' ,ويوزع 'الأحبكات' و ' الفاكيوكات' على الجميلات ذوات الشعر الناعم والصدر الناهد والفخذ الواعد المغلف بالأحمر, وفي آخر الليل يشاهد التلفاز, فيرى قنبلة تنزل من طائرة حربية أمريكية فوق رأسك فيقول هاتفا :
 "Hail to America the maker of freedom"
 جميل أن نقرأ كتاب "بروتوكول حكماء صهيون" في كل رابع عشر من فبراير‚ لكي نشعر الحب الإنساني الجميل, ونعلم أن ما نرتديه من أحمر على أجسادنا هو زمجرة غضب وجريان دم..!
 و إن انتم أبيتم علي إلا أن أقول "هابي فلانتين" لكي ينال حبي المباركة بتلك الأحرف المقدسة‚ فدعوني أقول "هُبي فُلا أنت" فأكون قد نلت مباركة الأحرف المزعومة من غير أن ادخل هذا الفلانتين في حسابي
 "هبي فلّا أنت"
 "هبي وردا أنت"
 "هبي ريحا عطرة تعصف بمشاعري" فترحمني أو لا ترحمني, فمصب كل أنهارك في بحر رحمة
 يا زهرة الحب في ابريل ودفء الود في غشت واصفرار الوجد في سبتمبر ورعشة الشوق في يناير!
 أحب فيك فرحة الربيع وغضب الصيف وانكسار الخريف وتبلد الشتاء
 فأنت حب في كل الفصول وأنت عيد في كل الأيام يا وردية الشفتين طز في الأحمر يوم فبراير!
 ولتبك على فلانتاينهم البواكي.
 ودعي عنا كل هذا العبث ولأبدأ رسالتي من البداية‚
 أما بعد:
هذا القلب الذي بين جنبي ابعثه إليك مدادا فأريني كيف يكون استقبال قلبي حين يحل بين يديك‚ أنا في هذه اللحظة المهيبة بالذات اكتب لك من محبرة قلبي وأنت نائمة في سكات تقطفين من بستان النوم حلما يفوح برائحة عطري.
 كم أنت جميلة يا صبية وستارتا عينيك منسدلتان تخفيان خلفهما بطلي مسرحية خرافية الحبكة وعبقرية الحوار جعلاني جالسا في اندهاش طفل يقف أمام طائر الطاوس لأول مرة فيصفق له في سذاجة. يا طاوسي الجميل! هاأنذا اصفق لك بطفولة لطالما واريتها خلف جدران العشرين.
 هذه الطفولة كانت تبكيني في وحشتي, لكن هذه العشرين تمسح دمعي وترسم على شفتي بسمة صفراء وتقول لي في برود"قد كبرت".
 وهذه الطفولة كانت تعلمني كيف أهيم بالحقل فأشم زهره وأنام على عشبه, فيتهيأ لي بهذا كأني سأصنع حُبا لأغرسه مع الشجر فاقطف منه ثمرا متى جعت واعصر من الثمر عصيرا متى ظمأت واستظل بالأغصان متى اشتد قيظ الهم علي..لكن هذه العشرين تدوس أزهاري وتحرق أعشابي فإذا بي انتبه من رومانسيتي فلا حب لدي ولا ثمر ولا ظل!
 هذه الطفولة التي كانت تود أن ترقص في جنون فإذا بالعشرين تطاردها بالمذبة تطردها من أي مكان في صدري هي به حلت.
 هنا على هذه الورقة ابعث إليك بطفولتي, فأريني كيف يكون استقبال طفولتي حين تكون مشتاقة إلى الاختباء في صدرك!
 يا مجنونتي! خذي كل عقلي وعلميه كيف يمارس طقوس الجنون في حرية تامة.
 علميه أن في حضرة الحب لا توجد عشرون… قولي له أن في دولة العشق نولد من جديد في عالم خال تماما من "عبد الله" الذي لا يجيد غير طلب المال من جيبي المفلس‚ وخال تماما من "سعيد بولحية" الذي يجيد مهنة طلب المساعدة‚ وخال تماما من "محسن" الذي يحترف مهنة الخيانة والمكيدة والتي تدر عليه أموالا لا حصر لها ولا عد من الذل والنذالة… ليس فيه "اليعقوبي" ولا "إسماعيلي"… ليس فيه جيران حين تنظر إلى وجوههم تشعر انك تنظر إلى وجوه أبناء إبليس لعنه الله.
عالمي الجديد.. فيه احبك!
 أتعلمين ما هي هذه الأحبك؟
 لا تعلمين…
 أنا أيضا لا اعلم! لكن اعرف أن "احبك" تجعلني اشعر أني أنا نَفَسُك فكأنما أنا فيك في شهيقك وانأ حولك في زفيرك. اعرف أن احبك تجعلني أرى عينين ليستا كالأعين, إذا أغمضتا احسب أن الدنيا قد أظلمت وإذا انفتحتا أرى النور حولي ينبعث من بؤبؤيك.
 في عالمي الجديد شفة كالنحلة ترعى في بستان جسدي تمتص منه الرحيق أينما تواجد‚
 فتحول رحيقي عسلا يسيل منها‚ فاشتهي عسلها بل اشتهي رحيقي فيها. في عالمي يد أقبلها فأشعرها يد أم حرمت منها فأفترشها وسادة وامدد عليها خدي وأنام…
 في عالمي صدر يشتعل لأول ضمة‚ وينتفض لأول لمسة‚ فاشتهي في جنون ألا يعرف في حدوده غير البراكين والزلازل.
 في عالمي روح‚ ما أطيبها روح! ستكون لي بعد أن ضاعت مني روحي…
قولي "إن شاء الله" ثم علمي عقلي كيف يكون تلميذا مجتهدا في كل امتحان جنون
 ودعي عنا كل هذا الجنون ولأبدأ رسالتي من البداية
 أما بعد:
هذه رسالتي إليك يا سيدتي أحاول فيها أن أتجرد عن كل ما يعيقني عن الوصول إليك.. فأرجو أن أكون قد وصلت.. أبعثها إليك محملة بقبلات شهية المنبع كريمة العطاء فعّدي كم حرفا هنا كي تعلمي كم قبلة هنا
 ابعث إليك هذا الكتاب والكتاب عندي جليس وحدتي ومؤنس وحشتي فلأكن أنا إذن على هيأته خير جليس لك.. وليكن غلافه ملابسي وأوراقه جسدي وكلماته روحي,تلمسين فيه ملابسي وتداعبين فيه جسدي وتقرئين منه دواخلي.. وأكون لك
 ودعي عنا كل هذا الهوس ولأبدأ رسالتي من البداية
 أما بعد:
 "أحبك"
 ثم لا أكثر..!

.

.